تختلف مقاربة العنف باختلاف الحالة والسياق والثقافة في المجتمع، العديد من الطرائق والمنهجيات التي تركز على كيفية التعامل مع السلوك العنيف.
يركز منهاج الصحة على مقاطعة السلوك العنيف وإيقاف العدوى بالعنف، ويولي تركيزاً على المصابين بالعنف من ضحايا ومرتكبين ومشاهدين للعنف، ويحاول الحد من عوامل الخطورة الموجودة في المجتمع والتي تتيح انتشار العنف كما يعمل على نشر ثقافة الحماية والوقاية من العنف داخله.
يقوم بهذه الجهود مجموعة من الفعالين/ات في المجتمع، فيأخذون على عاتقهم زمام المبادرة للتعامل مع السلوك العنيف وآثاره في المجتمع، ويكونون مقاطعين ومقاطعات معالجين ومعالجات للسلوك العنيف، لذلك من الضروري أن يعي هؤلاء المعالجون عند البدء بالتحليل والتخطيط لعلاج العنف في المجتمع مجموعة من السلوكيات والمهارات وأن يتحلوا بالوعي الذاتي لتجنب إحداث الضرر في المجتمعات ولهذه المهارات والسلوكيات الأهمية الكبرى بذات أهمية التخطيط لمقاربة العنف في المجتمع.
إن اتخاذ قرار التعامل مع العنف في المجتمع فيه من المسؤولية والمخاطرة بنفس الوقت.
لذا نطرح مجموعة من الممارسات التي ينصح بالعمل عليها بالإضافة إلى بعض الأسئلة الشخصية التي ستساعد بالاستعداد والتحضير لعملية علاج العنف، وتفتح باب الحوار وطريقاً غير سهل أو معبد لكنه مجدي وممتع لتخفيف آثار العنف في المجتمع، فقد تكون لديك الفرصة للحد من سلوك عنيف أو إحداث تغيير في العنف ضمن المجتمع.
عشرة أفعال يجب ممارستها عند البدء بتحليل السلوك العنيف والتخطيط للتعامل مع العنف
- محاولة تحديد العناصر الإيجابية عند كل طرف من أطراف النزاع ومالذي يفتخر به كل طرف إيجابياً في المجتمع.
- محاولة إيجاد العوامل المفيدة في النزاع، فالنزاعات ممكن أن تكون فرصة للإبداع وطرح أمور مفيدة في المجتمعات.
- الإبداع في العمل، وعدم التشبث بالمنهجيات بحرفيتها، فهناك دائماً المساحة للطرح الخاص بك ومقاربتك الإيجابية الملائمة للحالة التي يتم العمل عليها، فالمنهجيات وجدت لتوجه وليس لتقود عملك.
- عند التفاعل مع الآخرين، يفضل البحث عن طرق سهلة التذكر والتركيز على القضايا المشتركة، للمشترَكات دور فعال في مقاطعة السلوك العنيف.
- الصدق مع النفس ومع الآخرين، كسب الثقة من أهم العوامل في التعامل مع السلوك العنيف.
- عدم التشبث بحل واحد، اقتراح العديد من الخيارات في مقاربة السلوك العنيف يتيح فضاء من الإبداع والمشاركة للجميع ويمنح حرية في اختيار أفضلها وأكثرها مرونة للمجتمع والمتأثرين بالعنف.
- مهمتك أن تجعل/ي من نفسك داعماً، وعدم التشجيع على الاعتماد عليك في حل القضايا وإنما فقك تقديم المشورة وإتاحة المجال لتحرك المجتمع بدون تدخلك عندما يقدر.
- تذكرة: المثالية في القلب والواقعية في العقل، فالتفكير يجب أن يكون بمثالية والتصرف بواقعية.
- التشاؤم والسوادوية والسخرية أفعال سهلة إنما التفاؤل هو الأفضل لمقاربتك.
- مقاربة علاج العنف ومنهاج الصحة هي فن تحويل غير الممكن أو متصور إلى ممكن في المجتمع.
عشرة أسئلة شخصية نطرحها على أنفسنا قبل التدخل في التعامل مع العنف والسلوك العنيف في المجتمع
- دوافعي: لماذا أريد أن أقوم بما أخطط للقيام به؟
للمجتمع، للمتأثرين بالعنف، أم لأسبابي الخاصة والترويج لنفسي ولسمعتي واكتساب الخبرة الشخصية.
- المعرفة العامة: هل لدي المعرفة الكافية بالنزاع الحاصل أم معرفتي سطحية ومازالت غير كافية؟
- المعرفة المحددة المحلية: هل لدي المعرفة لطرح أسئلة مفيدة تحدد القضايا أم أنني لا أنوي فهم خصائص هذا النزاع بذاته؟
- مهاراتي: هل أمتلك ما يكفي من مهارات التفكير، والتحدث والاستماع؟ هل لدي ما يكفي من مهارة الصمت لأستمع أم أنني أرغب بفرض رؤيتي حول التغيير؟
- التعاطف: هل أملك ما يكفي من النضج الذاتي لأشعر بما يشعر به المتأثرون بالعنف، أم أملك قدراً أكبر من الاحكام المسبقة التي أميل لها؟
- اللاعنف: هل أنا لاعنفي في أفعالي، خطابي وأفكاري أم أميل بسهولة لفقدان أعصابي، وأمارس العنف عندما أغضب؟
- مدى إبداعي: هل يحفزني النزاع لأبدع وأكون خلاقاً أم أنني أجد في النزاع الدمار فقط؟
- مدى تراحمي: هل أشعر بمعاناة الآخرين من الضحايا والمرتكبين أم هم/ن مجرد أدوات بنظري لتحقيق غايات أخرى.
- إصراري: هل لدي المقدرة للاستمرار رغم صعوبة الظروف أم أشعر بالأسى عندما لا تتبع نصائحي ولا تنجح مساعي فوراً؟
- رغبتي بالتطور: هل لدي الإرادة والرغبة بالتطور أم أميل إلى أن أعتبر نفسي جاهزاً ومتحضراً مسبقاً؟
أمام كل هذه الاسئلة الذاتية قد نجد أنفسنا حائرين فمن أين نحصل على الإجابات حول هذه النقاط العشر، لكن الموضوع بسيط في جوهره كل ما علينا فعله كمقاطعين للعنف أن نسأل وندعو الآخرين ليخبرونا ويرشدونا، وعدم الشعور بالإهانة وتحمل طرحهم على الصعيد الشخصي، وتقبل انتقاداتهم وجعلها فرصة للنمو.
بينما نقوم بعملنا في مقاطعة السلوك العنيف أو تخفيف آثار العنف في المجتمع، يجب أن نتذكر أن الخطاب مع ذاتنا ضروري لزيادة الوعي بنقاط قوتنا ونقاط ضعفنا، أن نحاور ذاتنا بمواطن القوة والضعف والاعترف بها.
كمقاطعين للعنف سنلعب دوراً مهماً في حياة الآخرين. لدينا مهمة كبيرة. لا داعي لأن نكون خارقين، ولكن أن نكون حاضرين، مستعدين للعمل، والتركيز على التطور. وأن نتذكر المعاناة والهدف وألا نستغرب ستكون تجربة مقاطعة العنف في المجتمع صعبة علينا أيضاً.