- ما هو العنف؟
- هل العنف ظاهرة متأصلة في السلوك البشري أم أنها مكتسبة؟
- ما هي نظرية التعلم الاجتماعي؟
لا شك أن العنف مشكلة معقدة جداً وتستوجب الكثير من البحث والدراسة، وقدم العديد من العلماء وجهات نظر مختلفة في تفسير العنف كما حاولوا قدر الإمكان تفسيره وإعطاء أجوبة عن هذه المشكلة القديمة قدم نشأة الإنسان.
ما هو العنف؟
العنف هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة، أو إرغام الفرد على إتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى.
للمزيد عن العنف والدماغ
أشكال العنف
يظهر العنف من خلال شكلين أساسيين وهما:
العنف المادي
هو العنف المُشاهَد، أي عنف فيزيائي ظاهر وله أشكال متعددة من الضرب والقتل إلى كوارث الحروب وآلاف القتلى والجرحى.
العنف الرمزي
هو إلحاق الأذى بالغير سواء عبر الكلام أو اللغة بطريقة غير مباشرة ومحسوسة، وهذا ما عبر عنه الفيلسوف الفرنسي بيير بورديو، في كتابه الهيمنة الذكورية العنف الرمزي (ذلك العنف الناعم واللامحسوس واللامرئي من ضحاياه أنفسهم والذي يمارس في جوهره بالطرق الرمزية الصرفة للاتصال والمعرفة).
الاتجاهات النظرية المُفسرة للعنف
فسرت العديد من النظريات ظاهرة العنف ومنها التفسير البيولوجي الوراثي، حيث تقوم هذه النظرية على افتراض مفاده أنَّ البشر لديهم غريزة العدوان.
فالإنسان تُسيطر عليه بعض الغرائز الفِطرية التي تدفعه نحو سلوكيات معينة لإشباع تلك الغرائز، ومنها العدوان الذي يدفع الإنسان إلى الاعتداء.
فالعنف سلوك غريزي هدفه تصريف الطاقة العِدائية. والعدوان أيضاً سلوك غريزي والميول العدوانية هي أساساً استجابة غير متعلمة لأنها غير مكتسبة من البيئة المحيطة بالإنسان.
نظرية التعلم الاجتماعي
تفترض النظرية أن الأشخاص الذين يكتسبون العنف يتعلمونه بنفس الطريقة التي يتعلمون بها أنماط السلوك الأخرى، مثل التواصل وغيرها.
يقول “باندورا” رائد هذه النظرية أن السلوك البشري يتم تعلمه في الغالب وهو ليس فطري. ويرى أن عملية التعلم تتم داخل نطاق الأسرة الضيقة. فبعض الآباء يعلمون ويشجعون أبناءهم على ممارسة السلوك العنيف ضد الآخرين ويعتقدون أنه يدل على الشجاعة، وأن السلوك المعاكس جبان وضعيف.
كما تتمايز المجتمعات فيما بينها، فبعض الأرياف يشجعون أبناءهم الذكور على التصرف بقسوة مع الآخرين، وخصوصاً تجاه الجنس الآخر لإظهار القوة والتفوق.
وأظهرت بعض الدراسات الاجتماعية مثل دراسة وفاء كردمين “العنف في الوسط المدرسي فعل اجتماعي” أن بعض المجتمعات لديها اتجاهات إيجابية نحو العنف، فتشجع السلوكيات العنيفة لأنها تحقق مكاسب السيطرة والتحكم.
وفي عام 1961 بدأ ألبرت باندورا وهو عالم نفس كندي ويرجع إليه الفضل في كونه مؤسس نظرية التعلم الاجتماعي تحليل أساليب مختلفة لعلاج الأطفال العدوانين المفرطة وتحديد أصل العنف في السلوكيات التي قدموها.
تجربة الدمية بوبو
تجربة الدمية بوبو لعبة بلاستيكية مطاطية ذات قاع ثقيل وهذا يساعد على تثبيت الدمية عندما يحاول شخص ما دفعها المسؤول عن هذه التجربة هو ألبرت باندورا.
استندت التجربة على إثبات أن بعض السلوكيات قد يتعلمها الصغار من تقليد تصرفات نماذج البالغين، وشملت الدراسة 36 صبياً و36 فتاة تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات، ودمية بوبو بلاستيكية قابلة للنفخ يبلغ ارتفاعها متراً ونصف.
تضمنت التجربة تعريض الأطفال لنموذجين من الشخصيات البالغة أحدها عدواني وآخر غير عدواني. وبعد مشاهدة سلوك الكبار يتم وضع الأطفال في غرفة بدون نموذج، وعندها يتم مراقبة سلوكهم لمعرفة السلوكيات التي سيقلدها الأطفال حسب النماذج التي شاهدوها مسبقاً.
"لا يوجد شهود على العنف بل شركاء فيه فقط"
Jean-Paul Sartre Tweet
لا شك أن أشكال العنف متنوعة والنظريات التي فسرته متنوعة أيضاً، ومن أشهرها التفسير البيولوجي الذي يقول بأن العنف وراثي مكتسب، ونظرية التعلم الاجتماعي. إضافة لأنواع العنف المادي والرمزي؛ ويبقى العنف سواء كان مادياً أو رمزياً غير مقبول. ويجب أن نعمل على الحد منه وكسر دوائره حرصاً على عدم ترك مجال لحدوث ثغرات في نسيج الثقة بين الأشخاص، هذه الثقة التي تحتاج لحظة للانهيار، بينما قد يتطلب إعادة بنائها اياماً وشهور.