نظرت حولها بحياءٍ ممزوج بالخوف والقلق، وكأنها تسمع اسمها للمرة الأولى: “مدام دينا، حان دورك.”
خفق قلبها بشدة وهي تدخل للمرة الأولى إلى قسم الاستشارات النفسية في جمعية تعمل في ذات المنطقة، تتردد السيدة دينا شهرياً مع أقرانها من السيدات للاستفادة من خدمات الجمعية، كورشات الخياطة والندوات الصحية والسلل الغذائية. وقد قررت هذه المرة أن تفعل شيئاً مختلفاً، مختلفاً عن كل ما عرفته واختبرته في حياتها، بعد أن شعرت أن هذه الجمعية مساحة أمان لها وأن أعضاء الجمعية يعملون بكل مهنية ويحترمون خصوصية مستفيدي خدمات الجمعية ومرتاديها.
قطع سلسلة أفكارها المتزاحمة وشرودها صوت هادئ لطيف كرّرعليها الطلب: تفضلي بالجلوس مدام دينا، مرحباً بك وشكراً لمجيئك وثقتك بنا.
وكأن هذه اللحظة هي الحدّ الفاصل بين سنين الهدوء والعاصفة، عاصفة من الدموع والبكاء المتواصل والألم، بكت حتى تعبت، ثم بدأت بقصّ حكايتها.
الرجل اللطيف.. “تشتوش”:
دينا، هي إحدى ضحايا العنف المنزلي، تقطن مع “زوجها القاسي” و”حماتها القوية” كما تصف، تنام كل يوم بعد أن تكون قد أنهت كل واجباتها المنزلية والزوجية وختمت يومها بـ”قتلة” من زوجها، أو “صفعة” من أم زوجها. حيث أن رجولة الزوج تقتضي أن يثبت لها رجولته بشكل يومي عن طريق الألم الجسدي والنفسي المتواصل وأن حياتها رهن إشارته وشاربيه. وأما عن أمّ الزوج فهي قد تربّت وربّت أبناءها على أنه “تشتوش” وعديم الرجولة، من يعامل زوجته برفق أو يشاركها الرأي والقرار. وأنها لن تدرك كم هو رجل “مهيوب” وقادر على حمايتها من العالم الخارجي و لسان المجتمع، إلا إذا تجرعت نصيبها الدائم من الضرب والقسوة وخشونة المعاملة.
مضت عدة جلسات أخرى في مساحة “الفضفضة” -كما أسمتها دينا- إلى أن جاءت الأخبار السارة من إدارة الجمعية بأنها تستطيع توكيل محامٍ على نفقة الجمعية ليساعدها على اتخاذ إجراءات قانونية ليحدّ من الممارسات العنيفة الظالمة والتي لطالما جعلت من دينا امرأة تتمنى الحرية من هذا السجن الزوجي الظالم.
وهنا كانت المفاجأة..
استجابة للعنف.. على غير المألوف:
قبل أن نكمل لكم ما حدث مع السيدة دينا، وبسياق يتصل بموضوعنا عن العنف المنزلي، نود تذكيركم قراءنا الأعزاء بما استعرضناه معكم سابقاً في موقعنا حول هذا الموضوع، وتسليط الضوء على عدة حالات مختلفة من السيدات اللواتي تعرضن للعنف، تحديداً المقال الذي يتناول الناجيات من العنف في بيئات مختلفة في سورية. حيث تحدثت كل سيدة منهنّ عن قصتها وكيف استجابت لما يحدث معها.
وعلى الرغم من اختلاف الحالات والمعطيات في قصص الناجيات، إلا أن جميع الحالات تتقاطع بأنها كانت تسعى في مرحلة ما للتخلص من هذا العنف والتحرر منه، واستكمال الحياة بطريقة مختلفة وآمنة، إلّا أن ما واجهه فريق العمل في حالة هذه السيدة كان مختلفاً تماماً، وغير متوقع، وفق ما روت وأرادت إيصاله في جلسات الاستماع.
متلازمة ستوكهولم.. في بيوتنا:
كانت اللحظة التي أبلغت فيها الجمعية السيدة دينا تبنّيها قضيّتها وكل ما يترتب عليها من نفقات، بمثابة الشمس الحارة التي ذوبت الجليد المتراكم حول جبل الحقيقة.
“نسيت أن أخبركم أن زوجي لديه مرض ويبدو أنه يتصرف كذلك بسبب الأدوية، إنه طيّب وكفؤ ولا يتقاعس عن خدمتنا”.
“أريد الانسحاب من الجلسات، لا بل من الجمعية كلها، لا أريد معوناتكم، ليس لديّ وقت لكلام الجرائد”.
“هو يفعل هذا لحمايتنا من الواقع والناس، ولا أستطيع العيش من دونه، إنه الهواء الذي أتنفسه”.
“إنكم تريدون الخراب لمنزلي وعائلتي، أنا أحب زوجي وأقبله كما هو ومدمنة على وجوده بقربي”.
وسط ذهول المعنيين بأمر السيدة في الجمعية، أخرجت دينا كل ما في جعبتها من صراخٍ واتّهاماتٍ ومحاولاتٍ للدفاع المستميت عن زوجها وسلوكه رغم كل الدلائل التي قدمتها بنفسها للفريق بما فيها آثار العنف الجسدية.
علم فريق الدعم النفسي لاحقاً وبعد البحث الدقّيق المطوّل في حالتها مع المختصّ أن كل ما روته -رغم صحّته- لم يكن بنيّة التّحرر من العنف أو إيجاد حلّ لواقعها السّيّء المُدمّر، إنما لكسب المزيد من التعاطف والخدمات والميزات في الجمعية وفق اعتقادها، ولا يتجاوز ما سمّته فعلاً “فضفضة”بهدف الكسب. وعلموا أيضاً أنهم أمام حالة واقعية من حالات “متلازمة ستوكهولم Stockholm syndrome”.
متلازمة ستوكهولم: عندما تعشق الضحية.. جلادها.
في مدينة ستوكهولم، عاصمة السويد، وتحديداً في عام 1973م، قام “جان إيريك أولسون Jan-Erik Olsson” بالسطو على بنك “كريديت بانكن” في تلك المدينة، حيث احتجز أربعة موظفين داخل البنك، والذي انضم إليه فيما بعد أحد زملائه في السجن. وبعد ستة أيام ومع انتهاء ذلك الاحتجاز، بدا على المخطوفين أنهم قد بنوا علاقة إيجابية مع هذين الخاطفين وأظهروا تعاطفاً كبيراً معهم رغم الأسر والعنف الذي تلقّوه. وبعد إطلاق سراحهم، رفض بعض موظفي البنك الإدلاء بشهادتهم ضد لصوص البنوك في المحكمة، بل وقاموا بجمع الأموال للدفاع عنهم.
ذكرت إحدى الرهائن، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي “أولوف بالمه”، أنها تثق تماماً بخاطفيها لكنها تخشى أن تموت في هجوم للشرطة على المبنى. ومن هنا نشأت فكرة متلازمة ستوكهولم. حيث كان الطبيب النفسي والباحث في علم الجريمة “نيلز بيجيروت” هو أول من صاغ هذا المصطلح للتعبير عن هذه الحالة، وأظهر الطبيب النفسي فرانك أوشبيرغ اهتماماً بهذه الظاهرة وقام في السبعينيات من القرن الماضي بتعريف المتلازمة وتوضيحها لمكتب التحقيقات الفدرالي وجهاز الشرطة البريطانية “سكوتلاند يارد”.
إذن ما هي متلازمة ستوكهولم؟
متلازمة ستوكهولم هي استجابة نفسية من قبل المُساء إليه (عنف، أسر،..)، وهي ظاهرة تصيب الفرد عندما يبدأ بالتعاطف والتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل أو بآخر إذ يتطور لدى المصاب بها مشاعر إيجابية تجاه المعنفين أو المعتدين عليه بمرور الوقت ويبدأ فيها بمشاعر وسلوكيات التعاطف والتعاون معهم وصولاً إلى التشبث بهم والدفاع عنهم ورفض محاولات التحرر منهم. تتضمن متلازمة ستوكهولم أنواعًا أخرى من الصدمات التي يوجد فيها رابط بين المعتدي والشخص الذي يتعرض للإيذاء.
يعتقد العديد من الأطباء أن المشاعر الإيجابية التي تكنها الضحية تجاه المعتدي هي استجابة نفسية -آلية تأقلم- تستخدمها للنجاة أيام أو أسابيع أو حتى سنوات من الصدمة أو سوء المعاملة.
أعراض متلازمة ستوكهولم
يشعر ضحايا العنف أو الاعتداء أو أسرى الاختطاف عادة بالتهديد من قبل المعتدين عليهم، لكن، إذا أبدى المعتدي أو المختطف القليل من اللطف تجاههم، فإن ذلك يحفزهم على الشعور بالتعاطف مع سلوكياتهم، وخلق أحاسيس إيجابية تجاههم، والإحساس بالسلبية تجاه كل من يتدخل لإنقاذهم من واقعهم أو أزمتهم.
تشمل أعراض متلازمة ستوكهولم:
- اعتقاد الضحية بإنسانية المعتدي، ومشاركته نفس الأهداف ووجهات النظر التي يتبناها ودعم وتأييد سلوكه وأفكاره.
- إحساس الضحية بالشفقة تجاه المعنّف أو الخاطف أو المعتدي والبحث عن مبررات دائمة له كأن تسمع أحد يقول: “أدرك أنه كان يؤذيني لكني ما زلت أحبه وأشفق عليه”، أو “أعرف أنه كان يعذبني لكنه يعاني من مشاكل نفسية، فقد عاش طفولة معذبة أو محرومة”.
- عدم الرغبة في ترك المعنِّف أو المعتدي أو الخاطف حتى عند السماح بالفرار أو الهروب وبعبارة أخرى عدم قدرة أو رغبة الضحية في المشاركة بأي سلوك يساعد على تحرير الضحية لنفسها أو فك ارتباطها عن المعتدي أو المعنّف.
- المشاعر السلبية للضحية تجاه العائلة أو الأصدقاء أو من يحاول إنقاذهم أو الوقوف بجانبهم.
- سلوكياتٌ مساندةٌ للمعتدي من قبل الضحية وأحياناً مساعدة المعتدي في تحقيق أهدافه لو كانت على حساب الضحية والإحراج من مشاعرهم تجاه المعتدي والشعور دائماً بالذنب نحوهم.
- صعوبة الثقة بالآخرين والانسحاب الاجتماعي ومشاعر الفراغ كما يبدو دوماً عليهم مشاعر التوتر المزمن، كثرة الكوابيس، الأرق، الإنكار، مشاعر اليأس، الكآبة، القلق، فقدان الاهتمام بالأنشطة، وقد يكون من الصعب العودة إلى الحياة اليومية والتكيف بعد الصدمة، كما قد يكون من الصعب جدا على الضحايا التحدث عن تجربتهم لأنها قد تؤدي إلى صدمة مرة أخرى.
غريزة البقاء.. هل هي السبب؟
لو بحثنا عن أسباب نشأة هذه المتلازمة فإن معظم دراسات علم النفس أفضت إلى أسباب تتعلق بحاجة الأمان وغريزة البقاء حيث يعتقد علماء النفس الذين درسوا المتلازمة في حالة الأسر أن الرابطة تنشأ في البداية عندما يهدد الآسر حياة الأسير، ويتعمد ذلك، ثم يختار عدم قتل الأسير. يتحول ارتياح الأسير عند زوال التهديد بالقتل إلى مشاعر الامتنان تجاه الآسر لمنحه حياته/ حياتها. كما أثبتت حادثة السطو على بنك ستوكهولم، فإن الأمر لا يستغرق سوى بضعة أيام حتى يترسخ هذا الفرض، مما يثبت أن رغبة الضحايا في البقاء على قيد الحياة تفوقت على الرغبة في كره الشخص الذي خلق الموقف.
تمثل غريزة البقاء جوهر متلازمة ستوكهولم. يعيش الضحايا في تبعية قسرية ويفسرون أفعال اللطف النادرة أو الصغيرة في خضم الظروف الرهيبة على أنها معاملة جيدة. وغالبًا ما يصبحون متيقظين للغاية لاحتياجات ومطالب آسريهم، مما يخلق روابط نفسية بين سعادة الخاطفين وسعادتهم الخاصة. كما أن المتلازمة لا تتميز بعلاقة إيجابية بين الأسير والآسر فحسب، بل تتميز أيضًا بموقف سلبي من جانب الأسير تجاه الأطراف التي تهدد العلاقة بين الأسير والآسر، وكذلك الحال في كل القضايا التي يكون فيها طرق يمارس العنف والضغط والقسوة على طرف آخر.
بحلول القرن الحادي والعشرين، وسع علماء النفس فهمهم ودراستهم متلازمة ستوكهولم من الرهائن إلى مجموعات أخرى، بما في ذلك ضحايا العنف المنزلي، وأسرى الحرب، وضحايا الاتجار بالجنس، والأطفال الذين تعرضوا للإيذاء والمساجين. لا تُدرج الجمعية الأمريكية للطب النفسي متلازمة ستوكهولم في دليلها التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية.
طبقاً لعلم النفس التطوري يفسر التعاطف والارتباط مع الخاطف أنه حل لمشكلة تعايش الضحية مع وضع تكون فيه مسلوبة الإرادة ومغلوبة على أمرها للحفاظ على حياتها وبقائها وهو معروف منذ أقدم العصور. فإحدى المشاكل التي كانت تواجه النساء في المجتمعات البدائية هي التعرض للخطف أو الأسر من قبل قبيلة أخرى، فخطف النساء واغتصابهن وقتل أطفالهن الصغار كان أمراً شائعاً وكانت المرأة التي تقاوم في تلك المواقف تعرض حياتها للخطر. وخلال فترات طويلة من التاريخ كان خوض الحروب وأخذ السبايا أمراً طبيعياً وقد كانت السبية أو الأسيرة تتعايش وتندمج ضمن القبيلة التي أسرتها وتخلص لها. هذا النمط من الحياة ما زال معروفاً لدى بعض القبائل البُدائية، وكذلك لدى بعض الثدييات المتطورة حيث تسلك هذه الكائنات سلوكيات الطاعة التامة والولاء والتعاون والتضحية للفرد الأقوى والأكثر خطراً في تلك المجموعة.
وما زالت هناك أنواع من العلاقات في الوقت الحاضر تحمل بعضَ السمات النفسية على الارتباط مع ممارسي العنف أو الخاطفين وأصحاب القوة والضغط القسري وعلى الرغم من قلة الأبحاث المتعلقة بمتلازمة ستوكهولم، إلا أن العلماء يعتقدون أنه بالإضافة إلى ضحايا الاحتجاز القسري، فإن هناك أشخاص محددون هم الأكثر عرضة للإصابة بها، ومنهم:
- الزوجة المتعرضة للضرب والإهانة والحرمان العاطفي.
- البعض ممن يخضعون لضغط مدربي التدريبات الرياضية والتدريبات العسكرية الأولية ومجموعات الحروب، والمجموعات التي يكون فيها سلطة أو قطبية او ضغط قسري واضح وضمن الأخويات أو نوادي الرجال. وكذلك في بعض الممارسات الجنسية كالسادية والمازوشية.
- الأشخاص الذين تعرضوا لسوء المعاملة في طفولتهم: لا يستطيع الأطفال تفسير سلوك الإساءة على نحو صحيح، وعلى الرغم من أنهم قد يتعرضون للإساءة، إلا أنه عند معاملتهم بلطف، فقد يفسرونه على أنه حب أو عاطفة.
- المعرضون للعنف الأسري: إن العنف الأسري الجنسي أو الجسدي أو العاطفي يؤدي إلى تغير في الروابط العاطفية بينهم وبين من يقومون بالإساءة إليهم، سواءً أكان الآباء أو أفراد الأسرة الآخرين هم من يمارسون العنف ضدهم.
- ضحايا الإتجار: قد يعتمد الأشخاص الذين يتم الاتجار بهم أو إجبارهم على العمل في تجارة الجنس على خاطفيهم لتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، لذلك فقد يطورون روابط عاطفية كوسيلة للحفاظ على حياتهم.
أيضاً من النظريات التي تفسر متلازمة ستوكهولم ما يلي:
تقترح هذه النظرية أن هذه الاستجابة تنتقل عبر الأجيال، حيث إنه وفي العصور السابقة كان البشر يتعرضون دائمًا للأسر أو محاولة القتل، كما يعتقد الباحثون أن العلاقة الجيدة مع الخاطفين كان يزيد من فرصة بقاء أسلافنا على قيد الحياة.
تفسر النظرية الأخرى أن الضحايا قد يتعاطفون مع من أساء إليهم بمجرد أن يبدأ بمعاملتهم بلطف، حيث يمكنهم هذا التعاطف من التأمين على حياتهم، وحتى مساعدة المعتدي وليس محاربته، وعندما لا يتعرضون للأذى من أبدًا، فإنهم سيصفونه بالإنساني، وسيشعرون بالامتنان تجاهه.
علاج متلازمة ستوكهولم
نظراً إلى أن متلازمة ستوكهولم اضطراب نفسي غير مصنف أو غير مدرج ضمن قائمة الأمراض والاضطرابات العقلية، فليس هناك توصيات علاجية من قبل المراكز والهيئات الطبية الرسمية. لكن، يعتبر العلاج النفسي الخطوة الأساسية لتشخيص الحالة ووصف علاج متلازمة ستوكهولم، والذي قد يقتضي:
العلاج السلوكي المعرفي
يساعد العلاج السلوكي المعرفي المريض على فهم التجربة التي مر منها، وإدراك السلوكيات والأحاسيس التي كان يشعر بها الضحية تجاه المعتدي، يساعد فهم هذه الأمور على تعلم استراتيجيات وطرق لتجاوز الأزمة واستعادة الحياة والنشاط اليومي. وينصح باتباع ما يلي خلال هذا العلاج عند اتخاذ القرار بالتدخل:
- التثقيف النفسي للمريض: يتضمن التثقيف النفسي إعلام ضحايا متلازمة ستوكهولم حول ما يجري لمساعدتهم على فهم ما حدث معهم بشكل علمي وموضوعي.
- تجنب الاستقطاب: لقد ذكرنا سابقاً أن الضحية تفقد الثقة بنفسها وبمن حولها وتشعر بمشاعر سلبية حيال من يريد تخليصها من واقعها، لذلك لا تحاول إقناع الضحية بالصفات الخسيسة للمسيء، قد يتسبب ذلك في استقطاب الضحية، والدفاع عن الجاني.
- استخدم الطريقة السقراطية: من خلال سؤال الضحية العديد من الأسئلة: مثل كيف ترى الموقف؟ وكيف تشعر؟
- استمع بدون حكم: بينما تفكر الضحية في كل ما حدث وتسرد تجربتها مع الجاني استمع واستخدم التفكير للتحقق من الصحة.
- لا تعطي النصيحة: يحتاج ضحايا الاعتداء إلى اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، تذكر أن الطريق إلى الشفاء من الإساءة غالباً ما يكون بتمكين الضحية من اتخاذ قراراته الخاصة، وإعادة ثقته بنفسه.
إن تناولنا لهذه المتلازمة اليوم ليس من باب الاكتفاء بالتعريف بها فقط، وإنما من أجل رفع الوعي المجتمعي حول ما يمكن يصل إليه العنف وخطورة أن تألف ضحية العنف -وخصوصاً ضحايا العنف المنزلي- السلوكيات العنيفة النفسية أو الجسدية من معنِّفها، وأن تبررها وأن تخفيها أو تزينها من باب الدفاع عن المعنِّف.
وكم من حالة في مجتمعاتنا تحولت إلى ما يشبه هذه المتلازمة، حتى غدت السلوكيات العنيفة عُرفاً لا يجوز المساس به، بل وينسب إلى القوة والرجولة.ومبررات تتداولها ضحايا العنف المنزلي والمجتمعي واللاتي بدورهنّ قد يتحولن إلى مدافعات عنه، كما بررت أم الزوج في حكايتنا العنف اليومي من ابنها لزوجته لأنها ورثت هذه المفاهيم، وكما ستورثه لاحقاً، الزوجة وأخريات كثيرات في مجتمعاتنا من ضحايا العنف. هي دعوة للجميع أن نكون جزءاً من الحلّ، كلٌّ من منبره، وبطريقته، على أمل أن تصبح “ضحية” اليوم هي “بطلة قصة نجاح” الغد، وأن نكون جمعاً، بوعينا واحتوائنا السدّ الذي يقف عنده كل عنف، وسلوك هادم.